لقد اصطفى الله سبحانه وتعالى لحمل أمانة النبوة والرسالة خير الخلق على الإطلاق.
هم بشر لكنهم في أرقى حالات الإنسانية, وأسمى درجات ما تكون عليه البشرية, فكانوا عليهم الصلاة والسلام قدوات تمشي على الأرض تتمثل لكل واحد من العالمين. فكل من رآهم أحبهم, ومن سمع بحالهم وقصصهم تعلقت نفسه بهم, وانشرح صدره لطاعتهم وصحبتهم إلا من عاداهم لدينهم, يتخلقون بأخلاق خير البرية, وينفرون من صفات شر البرية, أكمل وصفهم القرآن الحكيم, وأطنب في ذكر صفاتهم وخلالهم.
وسأذكر في هذه السلسة المباركة بإذن الله تعالى شيئاً كثيراً من صفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وأقدم بين يدي حديثي عن أخلاقهم ما الواجب علينا - معشر القراء – تجاه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وإذا تأملنا بعض آيات سورة الأنعام من الآية(74 – 90) نجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر فيهم ثمانية عشر نبياً عليهم الصلاة والسلام, بدأ بإبراهيم عليه الصلاة والسلام وانتهى بذكر لوط عليه الصلاة والسلام, وبعد أن ذكرهم تعالى لنا في كتابه الكريم جاء التعليق الإلهي على هذا الذكر بقوله سبحانه وتعالى( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) سورة الأنعام آية(90)
وإن كانت هذه الآية جاءت بالخطاب المباشر لرسولنا عليه الصلاة والسلام, فإن الخطاب بهذه الآية كذلك يشملنا لأننا أمته, وهو صلى الله عليه وسلم قدوتنا. فالواجب علينا بعد الإيمان بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام, الإقتداء بهم جميعاً في صفاتهم وأخلاقهم, وجاء في القرآن الحكيم التنصيص على التخلق بأخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, قال تعالى: (واصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) فالصبر صفة بارزة في أنبياء الله تعالى, وهي سمة لا تنفك عن مواقفهم وأقوالهم وأفعالهم.
وهذا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم, يمر بمواقف عديدة أثناء دعوته وهجرته وجهاده, فيتذكر فيها عله الصلاة والسلام صفات إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيثني عليها, ويتخلق بها, فها هو عليه الصلاة والسلام يقول لمن آذاه وتعدى عليه: " لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر " وعند فتح مكة قال عليه الصلاة والسلام لمن أخرجوه من مكة وآذوه( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) سورة يوسف عليه السلام آية( 92 ) مثل ما قال أخوه سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام بعد ما ظلموه وقد تمكن منهم.
فإلى من يبحث عن قدوة, ولم يسم له أسوة, هؤلاء هم الأسوة والقدوة أنبياء الله وأولياؤه. ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) سورة الممتحنة آية( 6 ) فالمثل الأعلى البشري للإقتداء به في أخلاقه وصفاته هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال ربنا العليم الحكيم سبحانه ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) سورة الأحزاب آية(21).
فإن سأل الابن أباه أو سألت الابنة أمها بمن أقتدي؟؟؟ أو استفسر الطالب من المعلم من قدوتي؟؟؟ جاء الجواب العملي للجميع: فلنقتد برسل الله عليهم الصلاة والسلام.