الفلاسفة الطبيعيون
الطبيعيون الأوائل، الحكماء السابقون على سقراط، الفيزيوقراطيين... إلى غيره من التسميات، وكلها مبررة وعلى الأرجح يمكن استعمال تسميتين، السابقون على سقراط، لأنها لا تقول شيئا وتحدد فقط مسألة زمنية، ويمكن إعطاؤها الأفضلية، وأيضا بالطبيعيين، وهذا نعت آخر عليهم.
لا يوجد لحكيم من الحكماء السابقين على سقراط نص كامل، إلا بعض الشذرات والأقوال، كما أنها تتضمن مجموعة من التناقض لأنها تسجل ظاهرة ولا تشكل حكما، وبالتالي فالأفق الفكري الذي دشنه الطبيعيون الأوائل واجه قضيتين:
- واجه الملحمة الشعرية ورموز الفكر الأسطوري.
- الموضوع المركزي عندهم هو الطبيعة وهو موضوع البحث في أصل الكون والعناصر المحددة له.
شكل طرح السؤال "ما أصل الكون؟" نقطة تحول في عقلية الإنسان الإغريقي، فالأجوبة المتعددة والسابقة لم تعد مقنعة تماما، لذلك كانت الأجوبة هذه المرة متعددة لكنها مختلفة عن سابقاتها.
وقد اشتهر "طاليس" بكونه أول حكيم يوناني فسر أصل الوجود بالماء، واعتبر الماء المبدأ النظري الأول الذي تشكلت منه الطبيعة، ويبرز هذا من خلال قولته المشهورة " العالم يأتي من المحيط ويعود إلى المحيط" أي أن الماء أصل كل الأشياء. أما هيراقليدس فقال بأن أصل العالم نار واعتبر آخرون بان أصله هواء أو تراب، وبالتالي فإن العالم يحتوي على عناصر أربعة ( ماء- نار- هواء- تراب)، وهي علل مادية، أما أنكساغوراس فهو من اكتشف العلة المحركة وهي العقل.
إن طاليس تمكن من أن يبرهن بمجموعة من الحجج على أن أصل العالم ماء، لكن برهنته هاته لم تقنع أولئك الذين كانوا يستمعون إليه ويستفيدون من نظرياته وهم تلامذته، ومن بينهم أنكسماندريس الذي كتب جوابا مخالفا لأستاذه طاليس يبرز موقفا مخالفا وهو أن ( أصل العالم اللامحدود أو اللاتناهي)، أما أنكسِيمانس فقال بأن ( أصل العالم هواء)، أما هيراقليطس، فقال بأن أصل الوجود نار ، وبهذا فبدايات الحكمة سترسخ أن الفكر حوار وبرهنة وحجج .
لقد كان الفكر في مرحلته الأولى حكمة لأن الحكماء حاولوا النظر إلى الوجود نظرة كلية متكاملة وفسروا الوجود بعناصر من الوجود، تسمى بالأيونات أو الأسطقسات وهي ( الماء – النار- التراب- الهواء). ونعت هؤلاء الحكماء أيضا بالطبيعيين لأنهم كما أشرنا فسروا الطبيعة بعناصر من الطبيعة. غير أن تفسيرهم هذا، وبحثهم عن المبدأ الأول، أي المبدأ المؤسس للوجود، أو أصل الوجود، لم يكن مجرد سرد خيالي أو كلام خرافي، وإنما هو حدس فلسفي جعل الفكر الإنساني يخطو نحو مسلمات تفسر أصل هذا الوجود أو الكل أو الطبيعة.
ومن أهم الحكماء السابقين عن سقراط نذكر: طاليس، أنكسِمندرس، أنكسِمانس، هيراقليدس، بارمنيدس، أنبادوقليدس، وأنكساغوراس